علوم وتقنية

الزراعة العمودية – زراعة المستقبل بدون تربة

الزراعة العمودية الهيدروبونيك

في السنوات الأخيرة تقلصت أعداد الأراضي الصالحة للزراعة بشكل ملحوظ، وتضاعفت أعداد السكّان لدرجة تجعلنا ندرك ضيق الأرض ومحدودية مواردها، حيث يتوقع أن يصبح عدد سكان الأرض 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، مما يشكّل خطورة على حصة الفرد الواحد من المحاصيل الزراعية، نتيجة ازدياد مؤشر الطلب بشكل يفوق مؤشر العرض، فقلّة الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة لعوامل التصحر والتقلب المناخي الحاد والتوسع المعماري وتضخم التعداد السكاني غير المسيطر عليه، كل تلك العوامل كانت نواة لفكرة الزراعة العمودية، فما هي الزراعة العمودية؟ وما هي فوائدها ومحدداتها؟ وما هي أبرز الدول التي تستعمل هذه التقنية؟[1]

ما هي الزراعة العمودية؟

هي زراعة المحاصيل داخل غرف يتم التحكم بظروفها البيئية (غرف سيطرة أو تحكم بيئي) بواسطة أجهزة مخصصة للمحافظة على درجة حرارة ونسبة رطوبة وشدة إضاءة ملائمة للمحاصيل، وتكون الزراعة على شكل طبقات مكدسة بعضها فوق بعض، باستعمال أنظمة الزراعة الهوائية أو المائية أو من خلال تكوين بيئة مائية من الأسماك والنباتات معًا، من غير استعمال التربة أو الأسمدة الكيماوية، ويمكن تصنيفها حسب الوسط المستخدم في الزراعة “الماء مثلًا” أو الشكل البنائي لها، ويمكن استخدام حاويات الشحن البحرية أو الغرف المهجورة أو المنازل والمباني السكنية في الزراعة العمودية.[2]

فوائد ومميزات الزراعة العمودية

لعل أبرز فوائد الزراعة العمودية تنحصر في رفع إنتاجية المتر المربع من المحاصيل الزراعية، حيث تشير الدراسات بأن إنتاجية كل 1 فدان في المزارع العمودية يعادل 4-6 فدان من إنتاج المزارع العادية على الأقل، وهذا مؤشر قوي على فعالية هذه التقنية الزراعية ومقاومتها لمشكلة الزحف العمراني وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة، وأيضًا من فوائد وإيجابيات للزراعة العمودية، مايلي:[3]

  • زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.
  • حماية المحاصيل من الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، ومن الآفات والأمراض النباتية.
  • إتاحة المحاصيل الزراعية على مدار السنة، بغض النظر عن التقلبات المناخية والتحديات البيئية.
  • تقنين استعمال المياه لريّ المحاصيل الزراعية، حيث توفر ما نسبته 70-95% من مياه الري، مما يعطي حلًا لمشاكل شحّ المياه في العالم.
  • إنتاج محاصيل عضوية دون استعمال المبيدات الكيماوية، وهذا لأنها زراعة معتمدة على نظام داخلي مسيطر عليه، ومحمي من الحشرات الضارة ونمو الأعشاب الخبيثة التي تؤثر على المحاصيل.
  • تعتبر الزراعة العمودية زراعة آمنة للإنسان وصديقة للبيئة، حيث لا تستعمل فيها المعدات الزراعية الثقيلة كمعدات الحراثة والحصاد ومعدات المبيدات، ولا تستدعي قلع الأشجار وإقامة مساحات زراعية مكانها، ولا تسبب إزعاجًا للحيوانات البرية.
  • إمكانية استغلال المباني المهجورة لإقامة مشاريع الزراعة العمودية.

صعوبات الزراعة العمودية

لكل شيء جانب مشرق وآخر مظلم، وكذلك الأمر في هذه التقنية، فهنالك بعض تحديات الزراعة العمودية التي قد تكون عائقًا أمام توسع هذه التقنية وجعلها بديلة عن الزراعة التقليدية، ومن هذه المحددات:[4]

  • صعوبة تخمين الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، لأنها ذات تكلفة مالية متغيرة باستمرار.
  • الزراعة العمودية تتم داخل بيئة خالية من الحشرات، الضارة والنافعة، مما يؤثر على عمليات التلقيح ويجعلها تتم بشكل يدوي من قبل الإنسان، وهذا يستهلك منّا الوقت الطويل لإنهاء عملية التلقيح.
  • تحتاج الزراعة العمودية لعدد كبير من الأيدي العاملة وإلى أنظمة حرارية وهوائية وأنظمة ضبط المناخ الداخلي والرطوبة والإضاءة، مما يرفع من التكاليف التشغيلية لهذا المشروع.
  • تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التكنولوجيا والطاقة الكهربائية، لدرجة أن انقطاع الكهرباء في هذه المنشئة ليوم واحد فقط يسبب ضررًا كبيرًا وخسارة للمحصول، بسبب تعطل أنظمة السيطرة البيئية.

 اقرأ أيضًا: كيفة زراعة الذرة وأفضل الأنواع للزراعة

طريقة زراعة الذرة

التقنيات المستخدمة في الزراعة العمودية

مع نشأت هذا النوع من الزراعة وهناك تقنيات جديدة تظهر بشكل متسارع للوصول إلى أفضل إنتاجية واستدامة في الزراعة العمودية، منها: [5]

  • تطبيق تقنية الزراعة الهوائية (aeroponics)  وذلك بالإعتماد على تبخير المياه من أجل ري المحاصيل لتقليل الهدر المائي.
  • بيئة زراعية مغلقة يمكن التحكم بها من خلال ثيرموستات ومبخرات ومجففات خاصة.
  • إعتماد تقنية الإضاءة (LED) للحصول على أفضل تمثيل ضوئي لنمو النبات بتوفير أطياف ضوئية بدرجات مثالية.
  • اعتماد الذكاء الإصطناعي بمراقبة البيئة الزراعية ومعدل الإنبات للحصول على أفضل إستفادة من الموارد المتاحة.
  • تطبيق أنظمة الزراعة المائية (Hydroponics) و (aquaponics) في الزراعة العمودية من خلال محاليل مغذية مخلوطة بالماء يتم ضخها الى النباتات في دورة مغلقة.

الدول التي تستخدم الزراعة العمودية

بدأت بعض الدول الإستفادة من إيجابيات هذه التقنية، وأبرز هذه الدول هي:[6]

  • شيكاغو: مشروع زراعة عمودية داخل بناء مهجور من القرن 19، بمساحة 100,000 قدم مربعة، وينتج أنواع متعددة من المحاصيل، ومصانع للجعة ومصانع لمحاصيل الفطر.
  • سنغافورة: مشروع مقام داخل بناء حديث، بمساحة 600 متر مربع وينتج الخضراوات الورقية.
  • كندا: مشروع على سطح أحد الأبنية، بمساحة 3750 قدم مربعة، ويحتوي على 120 رف بمساحة 16 فدان لكل رف، و24 من الصواني الزراعية (الطبقات الزراعية) في كل رف.

ومن الدول التي تستعمل الزراعة العمودية أيضًا: اليابان وكوريا والسويد ونيويورك والهند والصين وغيرها.

الزراعة العمودية تعد أفضل الحلول العملية لمواجهة محدودية المحاصيل الزراعية، لسد احتياجات السكان من الغذاء في ظل تدهور الأراضي الزراعية وارتفاع أعداد السكان بشكل هائل، وما تعانيه من تحديات في الوقت الحالي يتم العمل على حلها من قبل المتخصصين والباحثين، واستخدام بعض الدول لهذه التقنية يعد مؤشرًا جيدًا لنجاح الزراعة العمودية.

 اقرأ أيضًا: ما هو تخصص الإنتاج الحيواني ومجالات عمله

دراسة تخصص الانتاج الحيواني

هل كان المقال مفيدًا؟

المصادر والمراجع[+]

مهندس زراعي ومتخصص في مجال الإنتاج الحيواني، حاصل على درجة البكالوريس من الجامعة الأردنية، ومهتم بكل ما يتعلق بالزراعة والإنتاج الحيواني، كما أنني مُحب للعربيةِ بنحوها وبلاغتها، شغوف بالقراءة والمعرفة وأسعى لنشر ما أتعلمه لتعُم الفائدة.

السابق
هل التحميلة الشرجية تُفطر الصائم؟
التالي
طريقة عمل القدرة الخليلية على الأصول