الحياة والمجتمع

الفرق بين الشورى والديمقراطية، وهل تتعارض مع الإسلام؟

الفرق بين الديمقراطية والشورى

الإنسان لا يستغني بطبيعته عن غيره من الناس، فتظهر الحاجة دائمًا للاستماع إلى آراء الناس وتجاربهم، والاطلاع على خبراتهم، وذلك حتى يستطيع اتخاذ قرار سليم، وقد ظهرت عدة مصطلحات لخدمة هذا الهدف، منها مصطلح الديمقراطية ومصطلح الشورى عند العرب وغيرهم، ويشترك المصطلحان بعدة جوانب كما يختلفان في أخرى، وفي هذا المقال توضيح لأوجه الاختلاف والشبه بينهما.

ما هي الشورى

تُعرف الشورى لغةً بأنها الأمر الذي يتم التشاور فيه للخروج برأي، وقد تعني إظهار الشيء أو تأتي بمعنى جمع الرأي، وعمومًا هي تفاعل بين طرفين أو أكثر يهدف إلى مشاركة الرأي، أما اصطلاحًا فقد تم تعريف الشورى بأنها “المشاورة والمشورة: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض” حسب قول الراغب الأصفهاني، كما عرفها ابن العربي المالكي بأنها “عرض الأمر على الخيرة حتى يعلم المراد منه”، وقال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق بأنها: “استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه؛ للتوصل إلى أقرب الأمور للحق”، وعرفها الدكتور إسماعيل البدوي: “استخراج الصواب بعد التعرف على آراء الآخرين وإجالة النظر فيها”. [1]

ما هي الديمقراطية

الديمقراطية مصطلح مشتق من اللغة اليونانية من كلمتين؛ هما “ديمو” وتعني الناس و”كراتوس” وتعني السلطة، ومعناها حكم الشعب، وقد استُحدث المصطلح لوصف الأنظمة السياسية في المدن اليونانية وخاصةً أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، إذ كانت الديمقراطية حينها تُمارَس بطريقة مباشرة في القبائل والمدن الصغيرة، ثم اتخذت العملية شكل الديمقراطية التمثيلية. [2]

الفرق بين الشورى والديمقراطية

تختلف الديمقراطية عن الشورى في الأوجه التالية: [3] [4]

مصدر التشريع

استمدت الشورى وجودها من الشريعة الإسلامية وظهرت كجزء من العقيدة، أما الديمقراطية فهي نظام سياسي اجتماعي استحدثه الإنسان، أي أنها نظام وضعي، وضعه الإنسان قديمًا وطوره إلى شكله الحالي.

السلطة

يعطي النظام الديمقراطي السلطة على الشعب للشعب نفسه، إذ يقوم على تنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع على أساس المساواة، ويمنح الشعب الحق في المشاركة في سن التشريعات والقوانين التنظيمية في الحياة العامة، أما الشورى فهي شكل من أشكال المشاركة في الحكم، وتعد النظام السياسي ذاته في الإسلام وليست إحدى مبادئه فقط.

الأطراف المشاركة

يشارك في صنع القرار في النظام الديمقراطي الشعب بكافة أطيافه، أما في الشورى أن يكون المشاركون على درجة من العلم والمعرفة في التشريع الإسلامي، ولا تكون في كل أمر بل فقط في ما لم يقطع به القرآن والسنة برأي.

طبيعة القضايا

يشارك في النظام الديمقراطي الشعب في صنع القرارات على كافة الأصعدة دون تقييد، إلا أن الشورى تكون في الأمور المستحدثة وغير المبينة في الشريعة الإسلامية. [5]

تنفيذ النتائج

تكون نتائج الديمقراطية ملزمةً للتنفيذ، ويصبح رأي غالبية الناس قانونًا يجب على الجميع الالتزام به، إلا أن الشورى لا تلزم تنفيذ رأي الأغلبية، فيكون القرار للحاكم، فإذا رأى أن رأي شخص واحد من مجلس الشورى رأيٌ سديد وحجته قوية يمكنه اعتماده دون الالتفات لرأي البقية. [6]

الارتباط

ترتبط الشورى بأحكام الشريعة الإسلامية، وتتطلب عدم قول ما لا يرضي الله وعدم كتمان رأي أو معلومة يمكن أن تعود على الأمة بالمنافع أو تدرأُ عنها المفاسد، وتكون الشورى تحت سيادة الشرع والعقيدة الإسلامية، فلا تحل حرامًا ولا تحرم حلالًا، على عكس النظام الديمقراطي الذي يستبعد السلطة الدينية عن أي قوانين وتشريعات. [7]

الشبه بين الديمقراطية والشورى

تشترك الديمقراطية والشورى في مبدأ منح الشعوب حق المشاركة في صنع القرار، وأن يكون الشعب جزءًا من إدارة شؤون الحكم وتنظيمها. [8]

هل يخالف مبدأ الشورى الديمقراطية؟

تعتبر الشورى ثابتة القواعد ومبدأ عام في الحكم، مع العلم بأن تطبيق الشورى يختلف بإختلاف الزمان والمكان مع ثبات المبدأ، فلا تخالف الشورى الديمقراطية إذا جُعلت الديمقراطية أسلوبًا لتنفيذ مبدأ الشورى، فيكون مصدر الأحكام هو كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ودور الشعب يكمن في الحكم على الأمور التي لا تعارض مصادر التشريع، فيكون لهم الحق في الحكم على القضايا المبنية على المصالح المرسلة، ومستجدات التطور وغيرها مما لا يتعارض مع مصادر التشريع الأصلية. [9]

هل تتعارض الديمقراطية مع الإسلام؟

إن الديمقراطية تقوم في أصلها على مبدأ التعاون والشورى، إلا أن تطبيقها انتهى بجعل تلك الأنظمة التي تبنّتها أنظمة دكتاتورية متسلطة، وأدت إلى انعدام التعاون والخلل في الحكم، بينما الإسلام قد جعل الشورى في مرحلة الاستشارة وليس التنفيذ؛ فالإسلام لا يقر مبدأ التسلّط، ولا يسمح بتسليط جماعة على أخرى، فيمكن القول في الخلاصة إنّ الديمقراطية لا تتعارض مع الإسلام في فضائلها وحسانتها؛ أي في الأمور التي تتشابه بها مع الشورى، وأمّا فيما عدا ذلك فهي تعارض مبدأ الحكم في الإسلام، وبالتالي فهي تعارض الإسلام. [10]

 

هل كان المقال مفيدًا؟

المصادر والمراجع[+]

حاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة الطبية من الجامعة الهاشمية، مطّلعة على كل جديد في مختلف المجالات، وخاصة في العلوم والتكنولوجيا.

السابق
هل جدري القرود ​​قاتل؟ أسبابه وأعراضه والوقاية منه
التالي
كيفية كتابة مقال وخطوات احترافية لمقال مميز