دائمًا ما شاهدنا في كثير من الأفلام رجلًا ذا بشرة شاحبة بيضاء وأنياب، يعيش في قلعة على سفح الجبل ومعه خادمه الوحيد وكلبه، ينام طوال النهار ويخرج متجولًا في الظلام. نعم إنه الكونت دراكولا فمن هو؟
في كل قصة خيالية متوارثة عند الشعوب أو كتب عنها قصص تروى في الليل عند المدفأة أو في أمسيات الشتاء؛ يوجد في داخلها بعضٌ من الحقيقة، فحتى نفهم المغزى مما يروى يجب أن نعرف أولًا ما هي الأسطورة؟
الأسطورة
هي قصة قديمة جدًا يتناقلها الناس فيما بينهم عن حدث مشهور أو شخص مشهور أو مكان، وهي ليست صحيحة بل تحمل في داخلها جزءًا قليلًا من الصحة، ويتم تذكرها في كل مرة يحدث فيها شيء يشبه تلك القصة القديمة.[1]
فلاد الولاشي
فلاد الولاشي، فلاد المخوزق، الكونت دراكولا، كلها أسماء حقيقية لشخص واحد وُجد وعاش بالفعل في القرون الماضية اسمه فلاد الثالث الذي ولد في رومانيا عام 1431 في قلعة سيجيسوارا، وهو الابن الثالث غير الشرعي لحاكم رومانيا ميريسا الأول والذي يُلقب بالشجاع. ويقال إن أمه كانت أميرة فهي ابنة الإسكندر الأول ملك مولدافيا. عاش حياة مرفهة في قلعة والده وفي تلك الأيام كانت هذه البلاد تقع ضمن حدود الدولة العثمانية وكان ذلك في فترة حُكم مراد الثاني الذي أمر والده أن يأتي هو وأبناؤه لتقديم الولاء وعندما حضر قام بحبس الجميع في سجونه.
(ولاشي نسبة إلى ولاشيا في رومانيا)
تم مساومة ميريسا على أبنائه مقابل الولاء ولمنعه محاولة التحالف مع أعداء من دول أخرى وبالفعل تم إخراج الأب وإبقاء الأبناء وتدريبهم ضمن حدود الجيش العثماني.
تم تدريبه هو وأخوه الأكبر على جميع فنون القتال ومن المعروف أن الجيش العثماني في تلك الفترة كان من أقوى الجيوش وأكبرها عدّة وعتاد، فبرع باستخدام السيف والقتال بالرمح ويقال إنه كان أكثر الفرسان شجاعة وبسالة.
وفي عام 1447 توفي والده، أما شقيقه الأكبر ميريسا فقد قُتل وخرج هو إلى ولاشيا ليحكمها وكان عمره حينها 17 عامًا.
توجد روايات تقول إنه تزوج أكثر من ثلاث زوجات أما الأكثر منطقية منها فتقول إنه تزوج مرة واحدة من كاتارينا سيجل وهي ابنة نبيل من نبلاء ولاشيا وأنجب منها خمسة أولاد؛ مات منهم واحد في طفولته والثاني قتل في معركة مع العثمانيين.
رفض مجلس النبلاء الاعتراف به كحاكم ولاشيا وطردوه، إلا أنه وبدعم زوجته وجيش والدها عاد مرة أخرى وسيطر على ولاشيا ونصّب نفسه فيها حاكمًا.[2][3]
اقرأ أيضًا: مارجريت تاتشر المرأة الحديدية، سيرة حياتها |
الكونت دراكولا
يأتي اسم دراكولا في الأصل من مجموعة أسسها ملك المجر وكانت تضم عددًا كبيرًا من الفرسان الأقوياء والنبلاء وسميت بــ دراكول أي الشيطان وكان والده فلاد عضوًا في هذه المجموعة قبل موته.
فلاد القائد
كان فلاد شخصية قوية وحازمة، لم تشهد رومانيا في عهده أيًا من الاضطرابات أو المشاكل لا اجتماعيةً ولا مع جيرانها. حكم ثلاث فترات: الأولى بعد أن عاد إلى ولاشيا وكان صغيرًا إلا أن فترة حكمه حينها لم تستمر إلا سبعة أشهر، والثانية بعد عشرة أعوام حين عاد بمساعدة زوجته وحكم بقبضة من حديد والثالثة استمرت حتى وفاته.
فلاد المخوزق
بالرغم من حزمه وقوته إلا أنه كان شخصًا عنيفًا ودمويًا وساديًا، قاتل جميع خصومة بقسوة وكان يقتل الأسرى ويعلقهم على الخازوق ومن هنا جاءت تسمية المخوزق وهي طريقة قتل عثمانية شهيرة تقوم بتعليق الضحية على الخازوق لتنزف وتموت ببطء بعد أيام، ويقال إنه قتل عدة آلاف في إحدى معاركه وعلقهم على الأشجار وتركهم لتنهشهم الطيور.
ويذكر أيضًا بأنه قام بقتل جميع النبلاء وأسرهم الذين شك في ولائهم له وكان جيشه مكونًا فقط من الأشخاص الذين يثق في ولائهم، وقدم لهم مقابل ذلك الكثير من الذهب والأراضي.[4]
وفاته
توفي فلاد عن عمر يبلغ 31 عامًا، متأثرًا بجروحه بعد معركة خاضها ضد الإمبراطورية العثمانية.[5]
اقرأ أيضًا: من هو صمويل بيكيت وما هي أشهر أعماله؟ |
الكونت دراكولا وبرام ستوكر
يعود الفضل في العصر الحديث لبرام ستوكر الكاتب الإيرلندي الذي يُعتبر البداية الحقيقية لحبكة مصاصي الدماء في السينما والروايات العالمية، فهو أول من قام بإحياء شخصية دراكولا المجهولة واقتباسها ووضعها في رواية بعد أن قام بتغيير الأحداث وشخصية الرواية والحبكة والأماكن لتتلاءم مع متطلبات العصر.
تتحدث الرواية عن أن دراكولا عاد مرة أخرى إلى الحياة بمساعدة ثلاثة أشخاص، بعد طقوس معينة وقام بالاندماج في هذه الحقبة ومن ثم تنكر في هيئة شخص نبيل ثري، وعاش في قلعة ضخمة مظلمة لا يوجد بها إلا هو وبعض الخدم، ومن ثم يسافر جوناثان هاركر وهو محام يعيش في لندن إلى رومانيا لمساعدة شخص نبيل لشراء عقارات في لندن ويريد منه أن يساعده لإتمام جميع الإجراءات القانونية، وهكذا تستمر الأحداث الصادمة حتى نصل للنهاية.[6]
مرض البورفيريا
يرتبط هذا المرض بأذهان العوام بأسطورة مصاصي الدماء فهو من أحد الأمراض النادرة التي تصيب إما الجلد أو الجهاز العصبي وتسبب أعراض مثل[7]
- حساسية الضوء.
- شحوب الجلد.
- القلق.
- الهلوسة.
- تشوهات بالأسنان.
لكن عمومًا لا توجد شخصيات حقيقية تسمى مصاصي الدماء إلا في الحفلات التنكرية والقصص والروايات، وكل ما يوجد أو يقرأ فهو ما كتبه الإنسان أو أوجده من خياله الخصب.
اقرأ أيضًا: مراجعة رواية جين ايير للكاتبة شارلوت برونتي |
هل كان المقال مفيدًا؟
المصادر والمراجع[+]
↲1 | https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/legend |
---|---|
↲2 | https://www.historyhit.com/facts-about-vlad-the-impaler/ |
↲3 | https://www.transylvaniaworld.com/concepts/dracula-name-real-meaning-impaler.html |
↲4 | https://www.dictionary.com/browse/impale |
↲5 | https://www.allaboutturkey.com/ottoman.html |
↲6 | https://www.britannica.com/topic/Dracula-novel |
↲7 | https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/porphyria/symptoms-causes/syc-20356066 |