علوم وتقنية

الهندسة الوراثية وتطبيقاتها في مجال الإنتاج الحيواني

الهندسة الوراثية وتطبيقاتها في الإنتاج الحيواني

ما هي الهندسة الوراثية في مجال الإنتاج الحيواني

تعنى الهندسة الوراثية في مجال الإنتاج الحيواني بتعديل التركيب الجيني للحيوان لأهداف إنتاجية بحيث تتناسب مع أهداف هذا التعديل؛ وذلك لضمان ظهور صفات ذات طابع اقتصادي إنتاجي مثل: إنتاج البيض، وإنتاج الحليب، وإنتاج اللحم، ولا يدخل في هذا المجال الصفات الشكلية الأخرى مثل: لون العينين، وطول الأنف، ويتم توارث هذه الصفات من جيل إلى جيل للحفاظ على ديمومتها وقابلية تحسينها، وهي عملية تحدث إما بفعل الطبيعة (البقاء للأقوى مثلًا) وإما باستعمال المختبرات والتجارب، وفي هذا المقال سنتحدث عن العوامل المؤثرة على التحسين الوراثي؟ وما هي أبرز الأمثلة على حيوانات محسنة جينيًا في قطاع الإنتاج الحيواني؟[1] [2]

العوامل المؤثرة على التحسين الوراثي في مجال الإنتاج الحيواني

يهتم الخبراء قبل قرار التحسين الوراثي بوضع خطة للتحسين على المدى البعيد، والحكم على صحتها باستعمال قوانين نظرية، ثم الخوض في تجربتها ميدانيًا عن طريق وضع السلالات ذات الصفات المرغوبة ثم جعلها تتزاوج طبيعيًا أو اصطناعيًا، ومن أهم المعايير المأخوذة في الحسبان للتحسين الوراثي هي:

أنظمة الإنتاج والتربية

تختلف حسب اختلاف طبيعة الحيوانات ومنتجاتها وطبيعة البيئة المحيطة بها، فالحيوانات التي تنتج اللحم مثلًا نهتم بتحسين الجينات الخاصة بإنتاج اللحم وفق بيئة معينة (حارة، باردة، جافة) ونظام تربيتها (في بيوت مغلقة أو مفتوحة).

الهدف من التحسين الوراثي

هل هو لتحسين كمية المنتجات أم جودتها، أم تحسين كِلا الأمرين؛ الكمية والجودة، أم تطوير جهاز الحيوان المناعي، أم بهدف زيادة أقلمة الحيوان مع بيئته (تأقلمه مع البيئة الجديدة حيث يُربَّى ويُنتِج).

حصر المعلومات الجينية وجمعها

لكل صفة وراثية تركيبها الجيني الذي يميزها عن غيرها، فبعضها تتأثر بجين واحد (عادةً تكون صفة غير تجارية مثل لون العيون وشكل القرون) وبعضها تتحكم فيها عدّة جينات (كإنتاج الحليب)، لذلك علينا أن نقرر ما هي الجينات التي نحتاجها في التحسين، واستثناء باقي الجينات، لأنها قد تتداخل مع عملية التحسين وقد تعيقها، وعملية جمع المعلومات الجينية تتم بواسطة تحليل الـ DNA.

تقدير القيمة الوراثية ومعايير اختيار الصفة

بعد اختيار الخبراء للجينات المرغوبة، يتم تصنيف هذه الجينات وإعطاؤها قيمة محددة تختلف من فرد إلى آخر، فالصفة (س) قيمتها مثلًا (10) عند أحد الأفراد وقيمتها (8) عند الآخر بحسب ما هو مدوّن في سجلات الجينات لعائلة تلك الأفراد، والفرد صاحب القيمة الجينية الأعلى للصفة يكون الأفضل ويتم اختياره ضمن الآباء المنتخبين للتزاوج ونقل هذه الصفة ذات القيمة العالية للأبناء.

الانتخاب والتزاوج

يتم انتخاب (انتقاء واختيار) الفرد حسب القيمة الوراثية للجينات، إذ يُنتخَب الفرد ذو القيمة الوراثية الأعلى من معدل القيمة الوراثية للقطيع، لضمان تمتّع أبنائه بقيمة وراثية عالية لهذه الصفة.

نشر (نثر) هذه الصفة بين الأجيال

طريقة نشر هذه الصفة تختلف باختلاف الحيوان، ففي الأبقار يتم نشرها باستخلاص السائل المنوي من الثور المنتخب، ثم استخدامه بتلقيح قطيع الأبقار اصطناعيًا، أما في الدواجن، فيتم نثر الصفات المرغوبة بانتخاب الديك وتركه يتزاوج بعدد من الإناث طبيعيًا، وتختلف طرق نشر هذه الصفات ولكنها تشترك بالفكرة نفسها، ألا وهي تخصيب الإناث بالذكور الذين يمتلكون القيمة الوراثية العالية.

تقييم العملية

يعتمد تقييم عملية التحسين الوراثي في الحيوان على نجاحها في الواقع، فعندما نلمس ارتفاعًا في كمية المنتجات أو جودتها، نعلمُ يقينًا أننا وُفقنا بهذه العملية، وفي حال كان الأداء الواقعي مخيب للآمال، فإننا نعاود الكرة، ونصحح عملية اختيار الجينات، وانتخاب الأفراد، ووسائل التزاوج، حتى نرى نتائجًا مرغوبًا فيها.[3]

 اقرأ أيضًا: ما هو تخصص الإنتاج الحيواني ومجالات عمله

التقنيات المستخدمة في التحسين الوراثي لحيوانات المزرعة

لكي نُحسّن صفة معينة، علينا بدايةً أن نختار هذه الصفة، ونحددها منفردةً وحدها أو ضمن مجموعة صغيرة من الصفات المراد تحسينها، ولا يمكن تحسين كل الصفات معًا دفعةً واحدة؛ لأن وظيفة الجينات تتضارب مع بعضها البعض، فظهور صفة معينة قد تحدّ أو تمنع ظهور صفات أخرى، وهنا تكمن صعوبة هذه العملية، فضلًا عن كونها تحتاج فترات زمنية قد تصل إلى عشرات السنين لتحسين صفة وراثية واحدة، إلا أن توجهنا نحن قطاع الإنتاج الحيواني دائمًا ما يكون نحو اختيار عدّة صفات لتحسينها، مع الأخذ بعين الاعتبار تداخل تلك الصفات وأثرها على بعضها، وفي ما يلي بعض التقنيات المستخدمة في التحسين الوراثي: [4]

تقنية الصفة الواحدة

التركيز على تحسين صفة واحدة فقط، وعند ثبوتها سائدةً لسنوات، يتم العمل على الصفة الثانية، وهكذا دواليك، وتتطلب هذه التقنية وقتًا طويلًا، ويمكن أن تتداخل الصفة الأولى مع الصفة الثانية فتُخفي إحداهما الأخرى.

تقنية الصفات المتعددة

وفي هذه التقنية، يتم التركيز على عدة صفات معًا، واستبعاد الحيوان الذي يفتقد صفة واحدة من هذه الصفات، حتى لو كان جيدًا في باقي الصفات، فغياب صفة واحدة تؤدي إلى استبعاده، وهذه تقنية تتطلب جهدًا وكلفة عالية، لأنه من النادر ظهور حيوان يتمتع بكافة الصفات دون افتقاره لأحدها على الأقل.

تقنية الصفات المتعددة الكلي

تعد من أفضل التقنيات، وأكثرها استعمالًا، وهي مشابهة للتقنية السابقة بكيفية التطبيق، إلا أنها تعطي قيمًا لكل صفة من الصفات، ففي حال تواجد الصفة (س) يُعطى الحيوان كامل الرقم (4) مثلًا، وفي حال عدم ظهورها يأخذ الحيوان مثلًا (0) لهذه الصفة، وتُعامَل باقي الصفات بهذه الطريقة، حتى تُجمع القيم مع بعضها، فإذا تجاوزت الحد الأدنى يُقبَل تواجد الحيوان في القطيع، وفي حال قُيِّم الحيوان أقل من الحد الأدنى، وإن كان يمتلك صفة ممتازة وباقي صفاته متدنية، يتم استبعاده من القطيع، على فرض أن الحد الأدنى يساوي (10)، والحيوان (أ) قيمته (9) والحيوان (ب) قيمته (11)، فإن الحيوان (أ) يُستَبعَد وإن كان يمتلك صفة ممتازة.

أبرز الأمثلة على حيوانات محسنة جينيًا

يمكننا القول إن كل ما يصلنا من منتجات حيوانية كالبيض، والحليب، والصوف، واللحم، قادمة من أصول محسنة جينيًا، فهناك شركات عالمية متخصصة في مجال تطوير حيوانات المزرعة وتحسينها جينيًا، لرفع مستوى إنتاجها كمًّا ونوعًا لتلبية احتياجات الأسواق المختلفة، وفي ما يلي بعض الحيوانات المحسنة جينيًا، ونبذة عمّا يهمنا منها:

  • أبقار الهولشتاين (Holstein): سلالة مشهورة تتميز بلونها الأبيض والأسود، تم تطويرها في امريكا، فوصل إنتاج البقرة الواحدة منها من الحليب حوالي 10000 لتر سنويًا (305 يوم)، وتتزاوج لأول مرة بعمر 15-14 شهرًا، لتنجب مولودها الأول بعمر 24-26 شهرًا، مما أطال عمرها الإنتاجي.[5]
  • سلالة أغنام العواسي (awwasi): سلالة طُوِرَت في الشرق الأوسط، ومعدل إنتاجها من الحليب يساوي 300 لتر كل 210 يوم، وهي مصممة لتتحمل الظروف المناخية الصعبة، ومتأقلمة على النباتات الرعوية.[6]
  • دواجن اللوغهورن (leghorn): تعدّ سلالة اللوغهورن من أكثر السلالات استعمالًا في إنتاج الدجاج التجاري (الدجاج المُنتج لبيض المائدة)، ولديه القدرة على إنتاج ما يصل إلى 320 بيضة في العام الواحد (يقال أنها أصبحت 330 في الفترة الأخيرة)، وبيضها ذو قشرة بيضاء قاسية، وزنها 55 غرام وقد يصل إلى 65 غرام في نهاية فترة الإنتاج، وهذه صفات مرغوبة لكل من المربّي والمستهلك.[7]

ختامًا

عملية التحسين الوراثي عملية مستمرة باستمرار البشرية، وتُطبَّق مِن قبل أخصائيين وخبراء ومهندسين محترفين متخصصين في الإنتاج الحيواني، وتتطلب تعاونًا دوليًا وتكاتفًا ماديًا وأمنيًا لضمان نجاحها، وهي ضرورية لتطوير منتجات حيوانية عالية الجودة وبكميات تغطي الاحتياجات، وأيضًا تدعم هذه العملية صحة الحيوان وتجعله أكثر مقاومة للمسببات المرضية، وأسرع تأقلمًا لتغيرات المناخ المتكررة.

 اقرأ أيضًا: كيفة زراعة الذرة وأفضل الأنواع للزراعة

هل كان المقال مفيدًا؟

المصادر والمراجع[+]

مهندس زراعي ومتخصص في مجال الإنتاج الحيواني، حاصل على درجة البكالوريس من الجامعة الأردنية، ومهتم بكل ما يتعلق بالزراعة والإنتاج الحيواني، كما أنني مُحب للعربيةِ بنحوها وبلاغتها، شغوف بالقراءة والمعرفة وأسعى لنشر ما أتعلمه لتعُم الفائدة.

السابق
فوائد شرب اليانسون للنساء لا تصدق!
التالي
10 نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء في حياتنا اليومية