الحياة والمجتمع

مارجريت تاتشر المرأة الحديدية، سيرة حياتها

من هي مارجريت تاتشر المرأة الحديدية؟

طفولتها ونشأتها

ولدت مارجريت روبرتس عام 1925 الابنة الثانية لأبوين إنجليزيين تقليديين من الطبقة المتوسطة في بلدة ريفية صغيرة، كانت أمها خياطة أما والدها فكان قد ترك المدرسة في عمر الثانية عشر وافتتح بقالة، وأما جدّها فكان يعمل في صناعة الأحذية والآخر يعمل في السكك الحديدية. والمقصود من ذكر المهن أنها لم تأتي من عائلة سياسية أو متعلمة. [1]

عاشت في بلدة قديمة عمرها أكثر من 500 عام؛ لم تدخل في قطاع التطوير والإعمار، عدد سكانها لا يتجاوز 3000 نسمة.

كانت مارجريت من عائلة بروتستانية وانضم والدها لحزب العمال وترأس اللجنة المالية، وكان بارعًا في الخطابة، وقد تجولت معه دائمًا ودخلت الكثير من الأماكن والاجتماعات لتسانده.

قالت في مذكراتها إن منزلنا كان يخيم عليه العمل الجاد والكثير من الالتزام والمثابرة في كل شيء.

تفوقت في دراستها الابتدائية وتم دمجها مع طلاب أكبر بسنة دراسية، وكانت متميزة في الكثير من الرياضات مثل الهوكي والجري مما أهلها للحصول على منحة دراسية فانتقلت بعدها إلى مدرسة جرانثام للبنات.

خططت مارجريت تاتشر للدراسة في أكسفورد وعليه كان يجب أن تجتاز الكثير من متطلبات القبول هناك ومنها تعلم اللغة اللاتينية. [2] [3]

قالت صديقة طفولتها إن مارجريت قررت الابتعاد عن التخصصات النسائية مثل الخدمات الاجتماعية واختارت الكيمياء لدراسته. ولم يكن من السهل الدراسة في أكسفورد فبجانب العدد القليل من المقاعد المخصصة للنساء كان عليها دفع رسوم إضافية أخرى، فعملت في العديد من المتاجر وأخذت دروسًا في البيانو والموسيقى وعندما قامت الحرب العالمية الثانية قررت الاستمرار في الدراسة العلمية ليسهل لها دراسة قانون براءة الاختراع لو أرادت ذلك. [4]

وفي أثناء دراستها للكيمياء تعرفت هناك على عدد من الطلاب المنضمين لحزب العمال وقرأت أفكار الحزب وقررت الانضمام إليه بشكل رسمي وكان ذلك عام 1945 وهو العام ذاته الذي خسر فيه ونستون تشرشل الانتخابات. [5]

وفي عام 1946 استطاعت مارجريت تاتشر أن تكون رئيسة لجمعية المحافظين في الجامعة بعد أن كان هذا المنصب حكرًا على الذكور لسنوات، لتصبح ثالث امرأة تتقلد هذا المنصب. [6]

واصلت دراسة البكالوريوس وحصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم الطبيعية وذلك عام 1947.

 اقرأ أيضًا: تعرف على دوستويفسكي وأجمل ما قاله

حياتها العملية

بعد تخرجها عملت في شركة B-X في منصب باحثة وظلت هناك ما يقارب العامين ورُشحت لمنصب نائب للمدير العام إلا أنها لم تحصل عليه وبعدها تركت وظيفتها والتحقت بمعهد الحقوق البريطاني لتدرس القانون الدولي هناك وتخصصت فيما بعد في القانون الضريبي.[7]

نشاطها السياسي

في عام 1948 وجهت إليها دعوة لحضور المؤتمر السنوي في دراتفورد (مدينة معروفة بصناعة الآلات الثقيلة) وتعرفت هناك على ونستون تشرشل بشكل الشخصي بعد أن ألقت إحدى خطابتها القوية التي انتقدت فيها الكثير من السياسات الاقتصادية وتهميش دور المرأة في الأدوار الإدارية والسياسية، ولاقت الكثير من الإعجاب من الحضور لقدرتها ومهاراتها القيادية والحوارية.

وبعد ذلك طلب منها تشرشل أن تنضم للحزب بشكل رسمي (حزب المحافظين) وأن ترشح نفسها لعضوية البرلمان في مجلس العموم البريطاني وكان ذلك عام 1949.

وفي أثناء الإعداد للانتخابات التقت مارجريت بالضابط السابق في سلاح المدفعية ديتيس تاتشر وتزوجت منه بعد ذلك وتحديدًا عام 1951. وقد قام بدعمها ومساعدتها في الانتخابات إلا أنها خسرت مقعدها فيها، ومع ذلك استمرت في نشاطها السياسي في حزب المحافظين، وفي هذه الأثناء كان قد درست العلوم السياسية وحصلت على وظيفة جزئية في المجلس القانوني التابع للمدينة.[8]

صعودها السياسي

استقال تشرشل من منصبه لأسباب صحية وجاء بعده أنطوني إيدن وبعد انتخابات 1955 فازت مارجريت بمقعد في مجلس العموم البريطاني، وقامت بجهود كثيرة منها:

  • التخفيف من الضرائب.
  • إيجاد حلول لمشكلة الاكتظاظ السكاني.
  • وضع برامج لدعم مشاريع ربات البيوت.
  • زيادة حصص المعونة للطبقة المستفيدة منها.

إلا أن الوضع الاقتصادي زاد سوءًا في عهد إيدن وارتفعت الأسعار بشكل كبير، ولكي يغطي على فشله تعاون مع فرنسا وإسرائيل وقاموا بشن العدوان الثلاثي على مصر؛ الذي انتهى بالفشل وعملت الأمم المتحدة على إدانته ونتيجة لذلك الإخفاق الكبير استقال من منصبه.[9]

وفي انتخابات 1959 قامت مارجريت بالترشح مرة أخرى وكانت نتيجتها فوز الحزب للمرة الثالثة على التوالي وفازت مارجريت بمقعد في البرلمان عن مقاطعتها بعد أن كانت تحظى بتأييد وشعبية كبيرة فيها.

ولأول مرة ذهبت مارجريت لمجلس العموم البريطاني لتلقي كلمة الافتتاح، وكانت كلمتها قوية ومؤثرة، بدأت بعدها بالتحدث عن مشاريع الحزب المستقبلية.[10]

وقد نادت مارجريت بحرية الصحافة وسمحت بدخول الصحفيين لمجلس العموم مما أكسبها تأييدًا إعلاميًا وشعبيًا واسعًا.

تأثرت بريطانيًا بعد تأميم قناة السويس وخسرت الكثير من النقد الأجنبي وكان ذلك الحدث هو ما أمسكته مارجريت محاولة نشر سياستها. فخلال ستينيات القرن عملت مارجريت وحزبها على الكثير من السياسات مثل:

  • تخفيض الضرائب على البضائع المحلية.
  • التقليل من نسبة الجمارك.

إلا أن الوضع الاقتصادي زاد سوءًا وارتفعت نسبة البطالة والتضخم وزادت الهجرة إلى الدول التي استعمرتها بريطانيا سابقًا بحثًا عن عمل بمدخول مادي أفضل.[11]

 اقرأ أيضًا: مراجعة رواية جين ايير للكاتبة شارلوت برونتي

وبعد عامين وتحديدًا 1961 شغلت مارجريت منصب وكيل الوزارة البرلمانية في وزارة المعاشات والتقاعد والتأمين الوطني، وكانت أصغر امرأة شغلت هذا المنصب ونجحت به لخبرتها السابقة في البرلمان.

وفي الانتخابات التي جرت شغلت فيها منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخزانة والشؤون الاقتصادية.

وفي عام 1966 قالت في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين إن المرأة لا تستطيع أن تعمل في مجال رئاسة الوزراء نتيجة العقبات التي تواجه من يمتهن الرئاسة، وبعد شهور تقلدت منصب وزيرة الطاقة في الحكومة.

ولقد أعطاها منصب وزيرة الطاقة الكثير من الخبرات في الحياة الاقتصادية والعقبات التي تواجه العمال والقطاع كله آنذاك وذلك لأن اقتصاد بريطانيا يقوم بشكلٍ عام على استخراج الفحم وإنتاج الغاز.

وفي آخر خطابتها أمام مجلس العموم تحدثت بشكل صريح عن مشكلة فرق الأجور بين النساء والرجال، ودعت إلى المساواة بينهما وزيادة مقاعد المرأة التي تشغلها النساء في مجلس العموم البريطاني.

وفي عام 1969 أصبحت وزيرة التعليم والعلوم إلا أن قرارتها قوبلت باعتراضات كثيرة فقد قامت بِ: [12]

  • الدعوة لتحسين المنهاج الدراسية مقابل إلغاء علب الحليب التي توزع على الأطفال مما جعل الصحف تطلق عليها سارقة حليب أطفالنا.
  • رفض تجديد المدارس القديمة في الأحياء الفقيرة والاتجاه إلى بناء مدارس حديثة مجهزة بالكامل.
  • رفع أسعار وجبات الطعام التي تباع بالمدارس.
  • خفض الإعانات المالية الممنوحة لوزارة الخدمات الاجتماعية.

وقد قوبلت باعتراضات حتى في أروقة الحزب لأن سياستها الفردية كانت متقشفة ومتزمتة وصارمة ولم تكن تبالي بالآراء الشعبية الرافضة لما تقوم به وقد وصفتها الصف بأنها المرأة الأكثر كراهية في بريطانيا.

وفي عام 1971 قامت بمشاريع كثيرة منها: [13]

  • إنشاء العديد من المدارس الحديثة في بريطانيا.
  • البدء بجامعات التعليم المفتوح.
  • وبعد عام عُرض عليها تقلد منصب وزيرة التعليم للنهوض بالتعليم المدرسي والجامعي وتطويره لإخراج العديد من الخريجين المؤهلين لسوق العمل.

وبالرغم من سياستها القاسية إلا أنها تنقلت بين العديد من الوزارات وقامت بتطويرها وفي كل مرة كانت تفوز بأغلبية ساحقة على أقرب منافسيها.

المرأة الحديدية

لقبت مارجريت تاتشر بالمرأة الحديدية لأنها قامت بالهجوم على سياسية الاتحاد السوفيتي في مؤتمر عقد في كنغستون مشيرة إلى التهديد الذي قد يواجه أوروبا إذا ما استمر الاتحاد في زيادة الترسانة العسكرية دون أي رد فعل من جانبهم. [14]

مارجريت ورئاسة الوزراء

حصلت العديد من الاضطرابات الاقتصادية والخلافات بين حزب العمال وحزب المحافظين وكان الحزب قد قرر أن يسحب الثقة منها إلا أنها فازت باستطلاعات الرأي واستطاعت الفوز في الانتخابات البرلمانية وأصبحت رئيسة للوزراء وذلك عام 1979. [15]

وفاة مارجريت تاتشر

توفيت مارجريت تاتشر في 2013 عن عمر يناهز 87 عامًا في لندن ودفنت بجانب زوجها. [16]

 اقرأ أيضًا: فريدا كاهلو وملخص عن حياتها

هل كان المقال مفيدًا؟

المصادر والمراجع[+]

عثّة كتب منذ الصغر،سافرت مع ابن بطوطة في رحلاته،ركضت مع تلاميذ أرسطو طويلاً،شعرت بصقيع سيبيريا مع ديستويفسكي،وجلست على ضفاف النيل مع نجيب محفوظ،وتعلمت الكثير من العرّاب،وتخرجت من قسم إدارة الأعمال،وكتبت بغزارة لسنوات.

السابق
تعرف على زراعة الزعتر، أنواعه ونصائح مهمة عند زراعة الزعتر
التالي
التأكسد والاختزال، أهميته في جسم الانسان وتطبيقات عليه