علوم وتقنية

ما هي الحيوانات المجترة، وما هي خصائصها

تعرف على الحيوانات المجترة

ما المقصود بالحيوان المجتر أو الحيوانات المجترة

هي حيوانات تتبع عائلة الثديات العاشبة، إذ تعتمد في غذائها على مخلفات المحاصيل الزراعية التي لا يستفيد من تناولها الإنسان (القش، التبن، الأوراق الخشنة..إلخ)، وتعمل على تحويلها إلى ما يستفيد منه الإنسان، وتتميز عن غيرها من الثديات العاشبة أنها تقوم بما يسمى (عملية الاجترار).

(عملية الاجترار): هي إرجاع الطعام من منطقة الكرش إلى الفم، ثم إعادة مضغه وتحطيمه إلى قطع صغيرة يسهل هضمها واستخلاص القيمة الغذائية منها.

ومن الأمثلة على الحيوانات المزرعية المجترة: الأبقار، والأغنام، والماعز، وحتى يوجد في البرية أمثلة على المجترات: الزرافات، والغزلان وغيرها، فما مكونات الجهاز الهضمي لهذه الحيوانات؟ وكيف يمكن الاستفادة منه؟ وما هي عملية الاجترار؟ وما الفرق بين الحيوانات المجترة وبين الحيوانات الأخرى؟[1]

الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة

تتميز الحيوانات المجترة بكونها تمتلك معدة مركبة، مكونة من 4 حجرات، وليس 4 معدات كما هو شائع بين الناس، وتُسمى الحجرة الأولى الواقعة أسفل المريء بالكرش، وتُعدّ نعمة من نعم الله على البشر، إذ تُشكِّلُ وسطًا بيئًا مناسبًا لنمو وتكاثر البكتيريا والكائنات الدقيقة النافعة، والتي بدورها تقوم بهضم ما لا يمكن لمعدة الحيوان هضمه، وتتيح له الاستفادة من نواتج المواد المهضومة، وتحويلها إلى ما ينتفع به الحيوان، من بناء أنسجته وتوفير احتياجاته من الطاقة والإنتاج، وفي ما يلي ترتيب الجهاز الهضمي لهذه المجترات، ولمحة عنها:

  • الفم: فكّ سفلي يحمل الأسنان، وآخر علوي يشكّل وسادة (ضبة)، تتيح للحيوان تحطيم المواد الغذائية بشكل ميكانيكي (دون تدخّل الأنزيمات غالبًا) إلى قطع أصغر، ثم يمزج الطعام بنواتج إفرازات الغدد اللعابية، وينتقل إلى البلعوم.
  • البلعوم (المريء): مجرد قناة تربط بين الفم والكرش، أو الفم والجسر البلعومي المَعِدي (جسر يسمح لعبور الحليب إلى معدة الحيوان الرضيع مباشرة دون مروره بالكرش).
  • الكرش: أولى حجرات المعدة الـ4، وهو الجزء الذي يميز الجهاز الهضمي للحيوان المجتر، إذ يُعتبر بيئة خصبة لنمو الكائنات الدقيقة النافعة كما أسلفنا، ويحدث فيها الهضم البكتيري (التخمير) للمواد الغذائية، وتغطي جدارها الداخلي خلايا إصبعية الشكل(شعيرات سميكة نسبيًا) تقوم بامتصاص نواتج المواد المتخمرة.
  • الشبكية: الجزء التالي للكرش، ويتميز جدارها الداخلي بشكله الذي يشبه خلايا النحل، وهي مصممة لفلترة وتنقية الجهاز الهضمي من المواد الغريبة غير القابلة للهضم، والتي قد تسبب ضررًا للحيوان: مسامير، قطع حديدية، بلاستيك..إلخ.
  • المنفحة (ذات التلافيف): جدارها الداخلي يشبه أوراق الكتاب، ويقال إنها مصممة لامتصاص الماء؛ مما يقلل من حجم الطعام المتجه إلى المعدة الحقيقية.
  • الأنفحة (المعدة الحقيقية): وهي الحجرة الرابعة التي تقوم بإفراز حمض البيبسين والهايدروكسل، وفيها يحدث هضم البروتينات، وهي الجزء الذي يشابه المعدة في الإنسان أو باقي الحيوانات.
  • الأمعاء الدقيقة: ويحدث فيها هضم العناصر الغذائية وامتصاصها، وهي على 3 أجزاء: الإثني عشر، الصائم، واللفائفي.
  • الأمعاء الغليظة: يحدث فيها إعادة امتصاص لبعض العناصر الغذائية وأهمها الماء، ويحدث فيها تخمّر لا يؤخذ بالاعتبار مقارنة مع التخمّر الواقع في الكرش.

وهناك أيضًا غددًا وأعضاءً تلعب دورًا مهمًا ولكن غير مباشر في عملية الهضم، مثل الغدد اللعابية، والبنكرياس، والكبد، والمرارة.[2]

ميزة وفائدة الجهاز الهضمي للمجترات

يظن البعض أن الحيوانات المجترة تنافس الإنسان في غذائه على المحاصيل الزراعية، إلا أنه اعتقاد خاطئ، إذ تستهلك الحيوانات المجترة المحاصيل التي تحتوي على نسبة سيليلوز عالية، ولا يستطيع الإنسان الاستفادة من هذه المحاصيل؛ لافتقاره إلى الأنزيمات الهاضمة للسيليلوز وللكاربوهيدرات الهيكلية (المكونة للجدار الخلوي النباتي)، وعندما تقدم هذه المحاصيل كأعلاف للحيوانات المجترة، فإنها لا تتداخل مع احتياجات ومتطلبات البشر لهذه الأغذية، على العكس تمامًا، فإنها تحولها من طعام لا قيمة له إلى منتجات حيوانية ذات قيمة غذائية مرتفعة صالحة للاستهلاك البشري، ولا يمكن الاستغناء عنها.[3]

عند تناول المجترات لهذه المحاصيل الرعوية، فإنها تقوم بما يسمى عملية الاجترار، سيأتي الحديث عنها لاحقًا، وبعدها تتحطّم جزيئات الطعام إلى قطع يسهل للبكتيريا عندها التعامل معها وهضمها (تخميرها)، ثم تستخلص منها القيمة الغذائة، ويمتصها جدار الكرش على الشكل الآتي:

  • الكاربوهيدرات: يتم هضمها وامتصاصها بالكرش على شكل أحماض دهنية متطايرة.
  • البروتينات: تحولها البكتيريا إما إلى غاز الأمونيا، ثم يتم امتصاصه عبر جدار الكرش أو التخلص منه بواسطة عملية التجشؤ (إخراج الغازات من الفم)، وإما تستهلك البكتيريا هذه البروتينات وتكوّن منها بروتينات ذات أحماض أمينية أساسية، ثم تنتقل إلى المعدة الحقيقية كمصدر بروتيني بكتيري، وكأنها قطعة لحم!
  • الدهون: لا يتم هضم للدهون في الكرش لعدم وجود مادة مستحلبة تساعد على هضمها، فقط يتم تحطيمها وإعادة هيكلتها أو إشباعها، وهضمها يحدث في الأمعاء الدقيقة بمساعدة أنزيمات البنكرياس. [4]

عملية الاجترار

قبل توضيح عملية الاجترار عند الحيوان المجتر، علينا الاتفاق على 3 نقاط رئيسية:

  • حجم الكرش قد يتسع لـ 200-250 لتر.
  • الحيوانات المجترة تتناول العلف على شكلين: مواد مالئة (حجمها كبير وتركيز الطاقة فيها منخفض) ومواد مركزة (حجمها صغير وتركيز الطاقة فيها كبير).
  • يكون الطعام في الكرش على شكل طبقات، الطبقة السفلى القريبة من مدخل الشبكية، تحتوي على جزيئات الطعام الصغيرة، والتي تنفذ بسهولة إلى باقي حجيرات المعدة، ثم الطبقة التي تعلوها تتكون من السوائل، وأخيرًا الطبقة القريبة من البلعوم تتكون من المواد الخشنة الكبيرة ذات الكثافة المنخفضة، والتي ينبغي إعادة اجترارها لتُقطَّع إلى قطع أصغر، حتى تستقر في قاع الكرش مع طبقة الجزيئات الصغيرة.

وبالرجوع لعملية الاجترار، فإن الحيوان مجبول (مفطور ومعتاد) على تناول الطعام بسرعة كبيرة، حتى يمتلئ كرشه، ثم يجلس في مكان يغطيه الظل، وتبدأ عملية إرجاع الطعام من الكرش صعودًا عبر البلعوم ثم إلى الفم، بواسطة الانقباضات العكسية لعضلات القناة الهضمية نتيجة الاحتكاك المستمر للمواد الخشنة بجدار الكرش العلوي، مما يحفز المستشعرات العصبية المتواجدة على سطح جدار الكرش العلوي لإعطاء إشارة للعضلات الملساء، لتقوم الأخيرة بردّ الفعل، وانقباضها بعكس الاتجاه، فيرجع الطعام الخشن إلى الفم، حيث يتحطّم ميكانيكيًا إلى قطع أصغر وأصغر، وتتكرر هذه العملية إلى حين تحوّل كامل المواد الخشنة إلى قطع صغيرة، تنفذ إلى باقي حجرات المعدة، فالاجترار يعمل على تقطيع حبّات الطعام إلى قطع أصغر، وأيضًا تحفز هذه العملية الغدد اللعابية على إفراز اللعاب بكميات كبيرة تصل إلى 150 لتر، والذي يحتوي على مواد معادلة حموضة الطعام، لتحافظ على PH الكرش 6-7 درجات، لا أكثر ولا أقل، لأن اختلال هذه الدرجة من الحموضة تؤثر على بيئة الكرش، بالتالي تؤثر على الكائنات الدقيقة النافعة، وبالتالي يتضرر الكرش مما يسبب مشكلات صحية للحيوان.[5]

للاستزادة حول المقال يمكنكم قراءة المزيد من هنا

الحيوانات المجترة وبين الحيوانات الغير مجترة

لعل أهم اختلاف بين المجترات وبين غير المجترات هو الجهاز الهضمي لها، فكما هو موضوح في المقال أعلاه، يتكون الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة من معدة مركبة، وهذا ما تفتقر إلى وجوده الحيوانات الأخرى في جهازها الهضمي، لذلك تمتاز الحيوانات المجترة عن الحيوانات العادية بما يلي: [6]

  • تستطيع القيام بعملية الاجترار.
  • قادرة على هضم السيليلوز والألياف.
  • تمتلك هضمًا بكتيريًا (التخمير) وتستفيد كليًا من نواتجه.
  • يمكنها تصنيع البروتينات ذات الأحماض الأمينية الأساسية داخل جسمها (أحماض أمينية لا يستطيع الحيوان غير المجتر أن يصنعها داخل جسده، ويعتمد في حصوله عليها من مصادر خارجية فقط)؛ لذلك لا داعي لتواجد مصدر بروتيني عالي في الخلطات المقدمة لها (غالبًا).

كما أن الحيوانات المجترة تقع ضمن تصنيف الحيوانات العاشبة، فيمكن القول أن كل حيوان مجتر هو حيوان عاشب (يعتمد على الأعشاب الرعوية في غذائه)، وليس كل حيوان عاشب مجتر، أما الحيوانات العادية فقد تكون حيوانات لحومية (تعتمد على اللحوم في غذائها، كالأسد والنمر) أو عاشبة أو لحومية وعاشبة (كالإنسان، والخنزير، والجرذان)

من الأمثلة على حيوانات مجترة

هناك في عالم الحيوان الكثير من الأمثلة على الحيوانات المجترة، سواء كانت مستأنسة أو كانت برية، وفي ما يلي بعض الأمثلة على المجترات، ولمحة بسيطة عنها: [7]

  • الجاموس: حيوان بري يعيش في آسيا وأفريقيا، وهو من المجترات الضخمة التي يصل وزنها إلى 2200 باوند (حوالي الـ 1000 كيلوغرام)، تمتلك قرونًا كبيرة ومعقوفة، ويصل ارتفاعها عن الأرض لـ 170-180 سم، ويغطي جسمها شعر أشعث خشن.
  • آرجالي (الخروف الجبلي): موطنه الأصلي الصين، ويتبع عائلة الخراف، ويعيش في المرتفعات الجبلية، يصل طوله إلى 150 سم، ويحمل صوفًا وزنه حوالي 25 كيلوغرام، وهو من الحيوانات التي إناثها أكبر حجمًا من الذكور.
  • الإيل: حيوان عاشب، موطنه أمريكيا الشمالية، وهو من عائلة الغزاليات، وتزن ذكور الإيل البالغة حوالي ال 350 كيلوغرام.
  • الخراف المستأنسة: ومن ضمنها الأبقار والأغنام والماعز المزرعية، وتختلف أحجامها وأطوالها، وهي أشهر الأمثلة على الحيوانات المجترة.
  • الزرافة: تعد أكبر الحيوانات المجترة، وتتميز بطول رقبتها الذي يصل إلى 1.8 متر، ولمزيد من التفاصيل الممتعة عن الزرافة، أنصح بزيارة هذا المقال من هنا.

ختامًا

المجترات ليست مجرد مجموعة من الحيوانات العاشبة، بل هي نعمة من نعم الله علينا، فهي تتغذى على ما لا يصلح للاستهلاك البشري، وتحوله إلى ما لا يستغني عنه البشر، ويرجع الفضل لتلك النعمة -بعد الله- إلى المجتمعات البكتيريا التي تعيش داخل الكرش، فلولاها، لكانت الحيوانات المجترة مجرد حيوانات عاشبة، شأنها شأن باقي الحيوانات، لا تستطيع الاستفادة من المحاصيل العلفية الخشنة، والأوراق الجافة، ولحاء الأشجار، والبذور القاسية.

هل كان المقال مفيدًا؟

المصادر والمراجع[+]

مهندس زراعي ومتخصص في مجال الإنتاج الحيواني، حاصل على درجة البكالوريس من الجامعة الأردنية، ومهتم بكل ما يتعلق بالزراعة والإنتاج الحيواني، كما أنني مُحب للعربيةِ بنحوها وبلاغتها، شغوف بالقراءة والمعرفة وأسعى لنشر ما أتعلمه لتعُم الفائدة.

السابق
نصائح تسهل الدراسة في الامتحانات
التالي
طفلي يضرب الأطفال الآخرين، ما الحل؟