حياته ونشأته
اسمه الكامل صموئيل باركلي بيكيت والمشهور بـ (صامويل بيكيت)، ولد في إيرلندا وتحديدًا في جنوب العاصمة دبلن عام 1906م، لأسرة بروتستانتية من الطبقة المتوسطة. كان والده موظفًا حكوميًا ناجحًا وكانت أمه ربة منزل، وكان هو طفلًا وحيدًا لأبويه وحظي معهم بحياة هادئة سعيدة كما وصفها فيما بعد في مذكراته.
عاش في حي مليء بالأثرياء أصحاب الطائفة الكاثوليكية، لكنه كان من طائفة وطبقة مختلفتين مما ولّد في داخله شعورًا بالغربة والوحدة ولقد تحدث عنها دائمًا في مسرحياته.[1]
دراسته
لم يستطع بيكيت الاندماج مع أي بيئة وجد فيها، فكان معزولًا باستمرار لأسباب سياسية واجتماعية، ولم يكن يستطيع أن يكون إيرلنديًا بشكل كامل ولا بريطانيًا بشكل كامل، ودائمًا ما شعر أنه في المنتصف. درس المراحل الابتدائية في إحدى المدارس الدينية الخاصة بناءً على رغبة والدته التي كانت شديدة التدين أيضًا، وفي المرحلة الثانوية التحق بمدرسة بورتورا رويال، وهي المدرسة نفسها التي كان فيها الكاتب المسرحي البريطاني أوسكار وايلد.برع في رياضات كثيرة مثل الرجبي والكريكيت، ثم التحق بكلية ترينتي أحد أشهر وأعرق جامعات دبلن ودرس فيها الفرنسية والإيطالية وتخرج حاملًا درجة البكالوريوس وذلك عام 1927م.[2]
مهنته
عمل بيكيت بعد تخرجه معلمًا في كلية كامبل لمدة تسعة أشهر، إلا أنه استقال منها بعد ذلك لشعوره بالملل في مهنة التدريس.[3]
بداياته الأدبية
أحب الوحدة ومع ذلك كان بحاجة لرفقة يشاركها أفكاره فتعرف على الناقد الأدبي ماكغريفي، والذي كان بداية الانطلاق لبيكيت في الأوساط الأدبية وتحديدًا في العاصمة الفرنسية باريس.
رغب بيكيت دائمًا بتقديم شكل جديد من الأدب يعبر فيه عن نفسه من دون قيود ولا تدخلات، وكان أبرز من كتب في الأدب التجريدي. وكونه شخصية حساسة اعتبر بيكيت أن الأدب يجب أن يُعبر عنه وكأنه فنٌ.
كتب الكثير من المقطوعات النثرية، واستعان بالعديد من مشاهد طفولته وحياته الأسرية والتي أسقطها على شخصيات رواياته ومسرحياته.
نشر أول قصة قصيرة له في باريس عام 1927 تحت عنوان (الافتراض)، ثم اشترك في مسابقة بروست الشعرية وكتب قصيدة هزلية ساخرة استوحى أبياتها من حياة العالم ديكارت وفاز بالجائزة.[4]
تأثر بيكيت بأفكار فيلسوف القرن التاسع عشر الألماني آرثر شوبنهاور وظهر ذلك جليًا عندما نشر دراسته النقدية لرائعة الفرنسي بروست (بحثًا عن الوقت الضائع)، وكانت سطوره مليئة بالفلسفة والأفكار التشاؤمية السوداوية.[5]
اقرأ أيضًا: مراجعة كتاب أرجوكم لا تسخروا مني للكاتبة جودي بلانكو |
التشرد
بناءً على رغبة والدته عاد بيكيت مرة أخرى إلى دبلن ليعمل في وظيفية أكاديمية وذلك عام 1930، فبدأ بالتدريس في كلية ترينتي؛ المكان نفسه الذي تخرج منه، فدرّس اللغة الفرنسية، إلا أنه لم يتأقلم مع المكان كونه عانى دائمًا من الخجل، وانعكس ذلك على صحته الجسدية، فعانى من الكثير من الأمراض وزاد ذلك من تعاسته، وساءت علاقته مع أمه لأنها كانت دائمًا ما تعتبر أن التدريس استثمار جيد ويوفر مركزّا اجتماعيًا متميزًا إلا أنّ ابنها لم يشاركها نفس الأفكار.
وبعد عام واحد فقط ترك بيكيت التدريس وقدم استقالته برسالة كتبها للجامعة واصفًا المحيط فيها بالسطحية، رافضًا تعليم الآخرين ما لا يستطيع هو فهمه.
حينها بدأت سنوات التشرد بالنسبة لبيكيت، فرفضته عائلته لقراره هذا ونبذته مما أشعره بالذنب الشديد، إلا أنه بدأ في إثبات نفسه خلالها في الأوساط الأدبية ككاتب، وكان في نهاية العشرينيات من عمره، تاركًا مسارًا أكاديميًا متحولًا لشخص بلا بوصلة أو اتجاه.
سَكن في برلين مع عائلة ألمانية لمدة قصيرة ثم عاد إلى باريس وأقام فيها لمدة ستة أشهر وبدأ بكتابة روايته الأولى (حلم من العدل للمرأة المتوسطة) وكانت رواية ثقيلة مليئة بالأحداث عن حياته في كلية ترينتي، ومن هنا بدأت شهرته الأدبية الحقيقية.
وعلى الرغم من الاحتفاء، أخذ وضعه المادي يزداد سوءًا، فعاد مرة أخرى إلى منزل والدته في دبلن فقيرًا، وسقط طريح الفراش بعد اكتشاف أورام في رقبته.[6]
بيكيت والحرب
عاد بيكيت بعد أن تحسن وضعه الصحي إلى فرنسا، إلا أنها حينها كانت قد سقطت تحت يد الألمان إيبان الحرب العالمية الثانية، مما جعله ينخرط في السياسية فانضم للمقاومة الفرنسية السرية، وكان مديرًا للمعلومات، وسرعان ما تم القبض عليه هو وزوجته وخمسون فردًا من المجموعة وأرسلوا للمعتقلات إلا أنه تمكن من الهرب بأعجوبة.
فرحل حينها إلى قرية صغيرة في الريف الفرنسي ليعمل في الزراعة، ثم عاد مرة أخرى في السنة الأخيرة للحرب إلى دبلن وتطوع في الصليب الأحمر ليعمل مترجمًا.[7]
في انتظار جودو
كتب بيكيت أشهر مسرحياته بعد الحرب العالمية الثانية معبرًا فيها عن عبثية وظلم الحياة فكانت مسرحيته هذه من دون زمن أو حدث رئيسي، فُتحت الستارة على أرض فارغة لا يوجد فيها إلا شجرة ورجلان يدور بينهما حوار عن جودو، ينتظرانه طوال الوقت من دون أن يحضر.
كان جودو هو الأمل الذي ينتظره الإنسان من دون جدوى، وتنتهي المسرحية بالكثير من الأسئلة العبثية دون إجابة. عرضت لأول مرة في فرنسا على المسرح عام 1953.[8]
جائزة نوبل
حصل صمويل بيكيت في عام 1969 على جائزة نوبل للأدب، إلا أنه لم يكن سعيدًا لأنه خاف من أن يفسد ذلك نمط حياته الانعزالي، فلم يرغب بأي مقابلات صحفية إلا أنه وافق على مقابلة صامتة واحدة بشرط عدم طرح أي أسئلة.[9]
حياته الأسرية
تزوج بيكيت لمرة واحدة من سوزان وهي امرأة فرنسية زارته بشكل مفاجئ في المستشفى وبدأت بينهما علاقة عاطفية انتهت بالزواج، ولم ينجب أي أطفال.
أشهر أعماله:
- نهاية اللعبة.
- الحب الأول والصحبة.
- مورفي.
اقرأ أيضًا: مارجريت تاتشر المرأة الحديدية، سيرة حياتها |
هل كان المقال مفيدًا؟
المصادر والمراجع[+]
↲1 | https://www.tcd.ie/trinitywriters/assets/pdf/Samuel%20Beckett%20Dec%2019%202015.pdf |
---|---|
↲2 | https://www.tcd.ie/ |
↲3 | https://www.campbellcollege.co.uk/ |
↲4 | https://www.famousauthors.org/marcel-proust |
↲5 | https://plato.stanford.edu/entries/schopenhauer/ |
↲6 | https://fivebooks.com/best-books/samuel-beckett/ |
↲7 | https://www.history.com/topics/world-war-ii/world-war-ii-history |
↲8 | https://www.britannica.com/topic/Waiting-for-Godot |
↲9 | https://www.nobelprize.org/prizes/literature/1969/summary/#:~:text=The%20Nobel%20Prize%20in%20Literature%201969%20was%20awarded%20to%20Samuel,modern%20man%20acquires%20its%20elevation.%22 |